تسجيل الدخول
02/02/2022
​​​​يسعى الإنسانُ دومًا إلى السلام، ويبحث عن بيئة آمنة تمكِّنه من العمل والإنتاج، وتحقيق التقدُّم والتطوُّر، وتوفير حياة سعيدة، بعيدة عن الاضطراب والعنف. وفي عالم مملوء بالأزَمات والتحدِّيات، بات قياسُ حالة السلام في العالم، ومتابعة آثاره ونتائجه على الأفراد والدول، أمرًا مهمًّا. 

وهذا القياسُ ليس سهلًا، فهو عملية معقَّدة ومتشابكة، وتحتاج إلى جهود وإمكانات كبيرة، إذا ما أخذنا في الحُسبان الحالة النفسية والمعنوية التي تختلف بين فرد وآخَر، وبين جماعة وأخرى، وبين بلد وآخر. وهناك محاولاتٌ مستمرَّة منذ سنوات، قامت بها مؤسساتٌ وهيئات ومنظمات ومراكزُ بحثية، نجحت في قياس مؤشِّرات السلام في دول العالم، وقدَّمت رؤًى جيِّدة لأصحاب القرار استُثمرت في تعزيز صُور السلام وأسبابه.

معهد الاقتصاد والسلام 
معهدُ الاقتصاد والسلام (IEP) في مدينة سيدني الأسترالية، أحدُ أهمِّ المراكز التي تضطلع بقياس مؤشِّرات السلام في العالم. أُسِّس عام 2007م، وله فروعٌ منتشرة في عدد من مدن العالم، مثل: نيويورك، ومكسيكو ستي، وبروكسل، ولاهاي. وله شراكاتٌ وثيقة مع عدد من مراكز البحوث العلمية المرموقة الأكثر تأثيرًا، ويرتبط بقواعد شراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة اليونيسيف، ومجموعة البنك الدَّولي، وحِلف الناتو. 

وهذا المعهدُ مستقلٌّ وغير ربحي، ويتصف بالحياد وعدم التحيُّز، مما جعله يحظى بكثير من الثقة لدى الحكومات والهيئات الدَّولية، وصار مرجعًا رئيسًا ومعتمدًا للهيئات العلمية، ومراكز البحوث، والمهتمِّين بقياس السلام في العالم؛ إذ يقيس المعهدُ مؤشِّرَ السلام في 163 دولة، تشمل نحو %99.7 من سكَّان الكرة الأرضية. ويُصدر مؤشرًا سنويًّا باسم (مؤشر السلام العالمي GPI)، تُرتَّب فيه الدولُ وَفقَ المعايير والمستويات المتَّبعة في مؤشِّر السلام، بالتشاور مع فريق دَولي من الخبراء بالمعاهد ومراكز البحوث، بالتعاون مع مركز دراسات السلام والنزاعات في جامعة سيدني. وقد نشرَ المعهد أولَ إصداراته في مايو 2007م، ولا يزال المؤشرُ يصدُر منتظِمًا حتى الآن. وقد صدر حديثًا مؤشرُ العام الجاري 2021م، في نسخته الخامسة عشرة.

يرصُد هذا التقرير أربعة جوانبَ رئيسة أوردها مؤشرُ معهد الاقتصاد والسلام في مؤشِّراته للسلام في العالم لهذا العام 2021م. يتضمَّن الجانبُ الأول تعريفَ المؤشر ومحاورَه الثلاثة، والمؤشِّرات المرتبطة بكلِّ محور. ويتعلَّق الجانبُ الثاني بنتائج المؤشر، ويُلقي الضوء على تطوُّر السلام في العالم تبعًا لهذه النتائج؛ ويبيِّن حالة دول (التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب) ضمن هذه النتائج. ويهتمُّ الجانبُ الثالث بالأثر الاقتصادي لأعمال العنف، وتغيُّرات هذا الأثر في دول (التحالف). ويتناول الجانبُ الرابع موضوع السلام الإيجابي الذي ناقشَته الوثيقة، والأسسَ التي يستند إليها. 




معايير المؤشر
يعتمد المؤشرُ على ثلاثة معاييرَ أساسية لقياس السلام في العالم، لكلٍّ منها عددٌ من المؤشِّرات، وهي كالآتي:
  •  المعيار الأول: استمرار الصراعات الداخلية والخارجية، ويتضمَّن ستة مؤشِّرات تعبِّر عن حالة الصِّراعات وشدَّتها ومدى استمرارها، بالاعتماد على شرعية الحكومات، والانقسامات الطائفية، والاستقرار القائم في الدول، وإمكانية وجود صراعات خارجية، وأثرها في الدولة المطلوب تقويمها. 
  •  المعيار الثاني: الأمن والأمان المجتمعيَّان، ويتضمَّن عشَرة مؤشِّرات تُعنى بالتنمية، وسيادة القانون، والمساواة في المجتمعات المختلفة، والتحدِّيات المتعلِّقة بالإرهاب، وعدم الاستقرار، وحالة العنف التي تواجهها الدولةُ المعنيَّة بالتقويم، والتي تؤثِّر في أمن المجتمع وأمانه.
  •  المعيار الثالث: مستوى عسكرة الدولة، ويتضمَّن سبعة مؤشِّرات تهتمُّ بقياس درجة تدخُّل الجيش في السُّلطة سياسيًّا، وقمع المجتمع، وحجم الإنفاق العسكري، واستيراد الأسلحة، والقدُرات التدميرية.
وبهذا يصل العددُ الكلِّي للمؤشِّرات في المعايير الثلاثة إلى 23 مؤشِّرًا. يُلاحَظ أن بعض هذه المؤشِّرات كمِّية، كالتي تتضمَّن نِسَبًا وأعدادًا، مثل: نسبة الإنفاق العسكري إلى الناتج المحلِّي الإجمالي. وبعضها مؤشِّرات نوعية، تحتاج إلى تقويم خاصٍّ بواسطة بيانات محدَّدة، مثل: مؤشِّر شدَّة الصراعات الداخلية، ومؤشِّر العَلاقة بالدول المجاورة، الواردَين في المحور الأول. 

ويُلاحَظ في جميع المؤشِّرات أنها تُعنى بقياس السلام بطريقة (عكسية)، أي تقيس ما يهدِّد السلام وليس ما يُعزِّزه، ومن ثَمَّ فإن زيادة الرَّقْم المعبِّر عن حالة كلِّ مؤشِّر، تعني تأخُّر حالة السلام في الدولة المعنيَّة بالتقويم، وَفقَ المؤشِّر المذكور، وتراجُع الترتيب الدَّولي الذي تحصُل عليه.

نتائج المؤشر
وَفقًا للمعايير والمؤشِّرات السابقة؛ يمكن عرضُ نتائج مؤشِّر السلام العالمي لعام 2021م، على النحو الآتي:
  1. النتائج العامَّة.
  2. نتائج تختصُّ بكلِّ معيار من معايير المؤشر الثلاثة.
  3. نتائج دول مختارة، وتشمل الدول الأولى والأخيرة في المؤشر، والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدَّولي.
  4. أثر جائحة كورونا (كوفيد 19) في السلام.
  5. ترتيب الدول الأعضاء في (التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب) في مؤشر 2021م.

النتائج العامة
أظهرت النتائجُ العامَّة للمؤشر ما يأتي:
  •  تراجُعَ مستوى السلام في العالم في الإصدار الحالي للمؤشر 2021م، تراجُعًا طفيفًا بلغ %0.07، مقارنةً بإصدار العام الماضي 2020م. وبلغ عددُ الدول التي تراجع فيها مؤشِّر السلام 73 دولة، في حين شهدت 87 دولة تحسُّنًا في مستوى السلام. 
  •  منذ بداية إصدار المؤشر، وعلى مدى خمسة عشر عامًا، تراجع مستوى السلام في العالم بنسبة %2، وفي المدَّة من 2008 إلى 2021م، تراجع مستوى السلام في 15 مؤشِّرًا من مؤشِّرات المؤشر البالغة 23 مؤشِّرًا.
  •  شهدت ستُّ مناطقَ من مناطق العالم التسع، تراجُعًا في مستوى السلام، وهذه المناطقُ هي: جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا، روسيا وأوراسيا، جنوب أمريكا ووسَط أمريكا، جزُر الكاريبي، آسيا المحيط الهادئ، شمال أمريكا التي كانت الأكثرَ تراجُعًا؛ بسبب ازدياد عدد الجرائم وارتفاع معدَّل عدم الاستقرار المدني والسياسي.
  •  شهدت ثلاثُ مناطقَ من مناطق العالم التسع تحسُّنًا في مستوى السلام، وهذه المناطقُ هي: أوروبا، جنوبي آسيا، منطقة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا التي كانت الأكثرَ تحسُّنًا، لكنَّها بقيت الأدنى عالميًّا.

 تطبيق معايير السلام
أظهرت النتائجُ، وَفقَ معايير المؤشر الثلاثة، للمدَّة من 2008 إلى 2021م، ما يأتي:
  •  محور (استمرار الصِّراعات الداخلية والخارجية) هو الأكثر تراجُعًا بين محاور المؤشر الثلاثة، بنسبة بلغت %6.2، وشَمِلَ هذا التراجعُ خمسة مؤشِّرات من أصل ستة. ويُعَدُّ مؤشِّر (عدد الوَفَيات الناتجة عن الصراعات الداخلية) المؤشِّرَ الوحيد الذي شهد تحسُّنًا في هذا المحور. 
  •  محور (الأمن والأمان المُجتمعيَّين) أظهر تراجُعًا، ولكن بدرجة أقلَّ من سابقه؛ إذ بلغ هذا التراجُع %2.5، وشَمِلَ تسعة مؤشِّرات من أحد عشر مؤشِّرًا. ويُعَدُّ مؤشِّر (أثر الإرهاب) الأكثرَ تراجعًا، إذ تراجع في 90 دولةً من 163 دولة خضعت للتقويم. 
  •  محور (مستوى عسكرة الدولة) شهد تحسُّنًا بنسبة %4.2، وهو الوحيدُ الذي شهد تحسُّنًا بين المحاور الثلاثة، وشَمِلَ التحسُّن 111 دولة، مع تراجع في مستوى 50 دولة أخرى. وقد تحسَّنت جميع مؤشِّرات هذا المحور، عدا مؤشِّر (استيراد السلاح) الذي سجل تراجعًا واضحًا.

الدول المختارة
يُقصد بالدول المختارة، الدولُ الأعلى والأدنى في مؤشِّر السلام، والدول العُظمى دائمة العضوية في مجلس الأمن، وقد أظهرت النتائج ما يأتي: 
  • جاءت الدولُ العشر الأعلى في مستوى السلام في العالم، مُرتَّبة على النحو الآتي: أيسلندا، الدانمارك، البرتغال، سلوفينيا، النمسا، سويسرا، أيرلندا، جمهورية التشيك، فنلندا، النرويج. وقد حافظت أيسلندا على مركزها الأول في إصدارات المؤشر منذ عام 2008م.
  • جاءت الدولُ العشر الأدنى في مستوى السلام في العالم، مُرتَّبة على النحو الآتي: أفغانستان، اليمن، سوريا، جنوب السودان، العراق، الصومال، الكونغو الديمقراطية، ليبيا، وسَط إفريقيا، روسيا. وقد احتلَّت أفغانستانُ الترتيب الأدنى في الإصدارات الأربعة الأخيرة.
  • جاءت الدولُ العظمى، وهي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، مُرتَّبة على النحو الآتي: المملكة المتحدة في المركز 33، فرنسا في المركز 55، الصين في المركز 100، الولايات المتحدة الأمريكية في المركز 122، روسيا في المركز 154.

آثار جائحة كورونا 
بيَّنت نتائجُ مؤشر السلام لعام 2021م آثار جائحة كورونا (كوفيد 19) في السلام العالمي على النحو الآتي: 
  • أدَّى ظهورُ وباء كورونا في عام 2020م إلى أزَمات اقتصادية حادَّة، مما أفضى إلى خروج مظاهرات واحتجاجات في كثير من دول العالم. وسُجِّل خمسة آلاف حدث عنيف بين يناير عام 2020 وأبريل 2021م.
  • نظرًا لعدم وضوح الرؤية حتى الآن بشأن القضاء على وباء كورونا في المستقبل القريب، يرى المؤشرُ أن حالة عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي قد تستمرُّ، ويحذِّر من اندلاع مظاهرات واحتجاجات قد تؤدِّي إلى أعمال عنف تؤثِّر في مستوى السلام في العالم.

دول التحالف 
توزَّعت دول التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في المؤشر من حيثُ مستوى السلام، إلى خمس مجموعات على النحو الآتي:
  • المجموعة الأولى، تشمل الدولَ في المراكز الأربعة عشر الأولى من الترتيب، وجُعلت هذه المجموعةُ باللون الأخضر الداكن (الغامق) تمييزًا لها.
  • المجموعة الثانية، تشمل الدولَ في المراكز من 15 حتى 58، وجُعلت باللون الأخضر الزاهي (الفاتح) تمييزًا لها.
  • المجموعة الثالثة، تشمل الدولَ في المراكز من 59 حتى 123، وجُعلت باللون الأصفر تمييزًا لها.
  • المجموعة الرابعة، تتضمَّن الدولَ في المراكز من 124 حتى 150، وجُعلت باللون البرتقالي تمييزًا لها.
  • المجموعة الخامسة، تشمل الدولَ في المراكز من 151 حتى 163، وجُعلت باللون الأحمر تمييزًا لها. 

ويُوضح الجدول الآتي ترتيبَ دول التحالف بحسَب مؤشر السلام لعام 2021م، وَفقَ الألوان المذكورة آنفًا على النحو الآتي: 
  • المجموعة الأولى لا تضمُّ أيَّ دولة من التحالف.
  • المجموعة الثانية تضمُّ 7 دول من التحالف.
  • المجموعة الثالثة تضمُّ 15 دولة من التحالف. 
  • المجموعة الرابعة تضمُّ 11 دولة من التحالف.
  • المجموعة الخامسة تضمُّ 5 دول من التحالف. 

هناك ثلاثُ دول من التحالف لم تُذكر في تصنيفات مؤشر عام 2021م، هي: (بروناي دار السلام، المالديف، والاتحاد القُمُري).



الأثر الاقتصادي
قدَّم مؤشرُ السلام العالمي لعام 2021م دراسةً للآثار الاقتصادية الناتجة عن أعمال العنف، ضمن المؤشِّرات المذكورة آنفًا. وقد شَمِلَت الدراسةُ ما يأتي:
  1. الأسُس الاقتصادية للدراسة.
  2. النتائج العامَّة للآثار الاقتصادية.
  3. نتائج الآثار الاقتصادية الخاصَّة بدول التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب.

الأسُس الاقتصادية للدراسة
وهي تشمل العواملَ الرئيسة التي اعتمدت عليها الدراسةُ، والنتائجَ التي وصلت إليها على النحو الآتي:
  • التكاليف المباشرة، وهي الخسائرُ التي تنتج بسبب أعمال العنف مباشرة.
  • التكاليف غير المباشرة، وهي الخسائرُ المترتِّبة على أعمال العنف. 
  • خسائر المضاعف الاقتصادي، وهي الفوائدُ المفقودة التي كان من الممكن تحقيقُها في حال وجود السلام، واستثمار هذه التكاليف؛ فمع وجود السلام يمكن استثمارُ الأموال التي تُنفَق على احتواء العُنف في أنشطة أكثرَ إنتاجًا؛ تدفع النموَّ، وذات عوائدَ نقدية واجتماعية أعلى.
ويقدِّم الجدول الآتي تعريفاتٍ لهذه العوامل، وأمثلةً توضيحية ترتبط بها، وتنقسم نتائجُ الدراسة إلى قسمين، يمكن توضيحهما في الآتي: 

أ- نتائج ترتبط بالتكاليف المباشرة وغير المباشرة، وتقيسُ نسبة إجمالي خسائر الدولة المعنيَّة إلى ناتجها المحلِّي GDP، وتحدِّد ترتيبها بين الدول الـ 163 التي قُوِّمت على أساس هذه النسبة. وتتوافق أولويَّات هذا الترتيب مع الدول الأكثر معاناة من أعمال العنف.
ب- نتائج تأخذ في الحُسبان المضاعف الاقتصادي، وتشمل مجمَل هذا المضاعف، أو ما يُسمَّى (الأثر الاقتصادي الشامل) لكلٍّ من الدول المعنيَّة. وتُبيِّن هذه النتائج أثرَ المضاعف في (الفرد الواحد).
تجدُر الإشارة إلى أن حسابات التكاليف الاقتصادية المذكورة آنفًا، احتُسبَت بالعُملة المحلِّية للدولة المعنيَّة بالتقويم وما يقابلها بالدولار PPP.

النتائج العامة للآثار الاقتصادية
تشمل نتائجُ دراسة الأثر الاقتصادي الدولَ العشر الأولى الأكثر معاناة، والدولَ العشر الأقلَّ معاناة، والدولَ الخمس العُظمى على النحو الآتي:

أولًا: الدول الأكثر معاناة، وهي: سوريا بنسبة خسائر بلغت %82 من إجمالي الناتج المحلِّي، وجنوب السودان بنسبة خسائر بلغت %42، وأفغانستان بنسبة خسائر بلغت %40، وجمهورية وسط إفريقيا بنسبة خسائر بلغت %37، وكوريا الشَّمالية بنسبة خسائر بلغت %27، وكولومبيا بنسبة خسائر بلغت %27، والصومال بنسبة خسائر بلغت %25، واليمن بنسبة خسائر بلغت %23، وليبيا بنسبة خسائر بلغت %22، وقبرص بنسبة خسائر بلغت %22.
ثانيًا: الدول الأقل معاناة، وهي: إندونيسيا بنسبة خسائر بلغت %2 من إجمالي الناتج المحلِّي، وبنغلاديش بنسبة %3، وهي النسبة نفسها لكلٍّ من: أيرلندا، وملاوي، وأيسلندا، وبابوا غينيا الجديدة، وغينيا الاستوائية، ومدغشقر، وغانا، وسويسرا.
ثالثًا: الدول الخمس العُظمى، دائمة العضوية في مجلس الأمن، جاءت النتائجُ على النحو الآتي: الصين هي الدولة الأقلُّ معاناةً من جرَّاء الآثار الاقتصادية الناجمة عن أعمال العنف، بنسبة خسائرَ بلغت %4 من إجمالي الناتج المحلِّي، ثم فرنسا بنسبة %6، ثم المملكة المتحدة بنسبة %8، ثم الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة%10 ، ثم روسيا بنسبة %11.



نتائج الآثار الاقتصادية الخاصَّة بدول التحالف 
يُبيِّن الجدول الآتي نتائجَ دراسة الأثر الاقتصادي لأحداث العنف في دول (التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب)، وقد توزَّعت هذه الدول على مجموعات على غِرار التقسيم المذكور آنفًا، وتضمَّنت الآتي:  

المجموعة الأولى: تشمل الدولَ التي لا تزيد نسبةُ خسائر الناتج الإجمالي المحلِّي فيها على %3، وجُعلت باللون الأخضر الداكن (الغامق) تمييزًا لها.
المجموعة الثانية: تشمل الدولَ التي تراوح نسبةُ الخسائر فيها بين 3 و%5، وجُعلت باللون الأخضر الزاهي (الفاتح) تمييزًا لها.
المجموعة الثالثة: تشمل الدولَ التي تراوح نسبةُ الخسائر فيها بين 5 و%8، وجُعلت باللون الأصفر تمييزًا لها.
المجموعة الرابعة: تشمل الدولَ التي تراوح نسبةُ الخسائر فيها بين 8 و%15، وجُعلت باللون البرتقالي تمييزًا لها. 
المجموعة الخامسة: تشمل الدولَ التي تزيد فيها نسبةُ الخسائر على %15.

وقد جاءت النتائجُ على النحو الآتي: 
  • هناك دولةٌ واحدة بين دول التحالف تنتمي إلى المجموعة الأولى، وهي: بنغلادش، وبلغت نسبةُ الخسائر إلى الناتج المحلِّي الإجمالي %3. 
  • هناك 10 دول من دول التحالف تنتمي إلى المجموعة الثانية، وتراوح نسبةُ الخسائر بين 3 و%5.
  • هناك 13 دولة من دول التحالف تنتمي إلى المجموعة الثالثة، وتراوح نسبةُ الخسائر بين 5  و%8.
  • هناك 6 دول من دول التحالف تنتمي إلى المجموعة الرابعة، وتراوح نسبةُ الخسائر بين 8 و%15.
  • هناك 8 دول من دول التحالف تنتمي إلى المجموعة الخامسة، وتزيد نسبةُ الخسائر فيها على %15.
  • وعلى غِرار نتائج مؤشر السلام، لم يذكر المؤشرُ ثلاث دول من دول التحالف ضمن التصنيف، وهي: (بروناي دار السلام، والمالديف، والاتحاد القُمُري).

السلام الإيجابي والسلام السلبي
شَمِلَ مؤشرُ السلام العالمي لعام 2021م، تقديمَ تصوُّرٍ بشأن السلام الإيجابي والسلام السلبي، متضمِّنًا تعريفهما، والأسُس التي يستند إليها السلام الإيجابي، وهي بمنزلة توصيات للدول التي تسعى إلى تحقيق سلام مُستدام فيها. 

 ويشير مُصطلح (السلام السلبي) إلى غياب العنف المباشر، أو عدم وجود خوف من العنف بين الأفراد والجماعات والحكومات، وهي نظرةٌ سلبية؛ لأنها تقتصر على العنف المباشر، وتعالج الأعراضَ الحالية، دون اهتمام بالأسُس التي تُجنِّب الدول هذا العنف، وتحقِّق استدامةَ السلام. 

ويشير مُصطلح (السلام الإيجابي) إلى مجموعة من الأسُس التي تقضي على الأسباب الجذرية للعنف، وتحقِّق السلام الدائم، وتحثُّ الدول على بذل جهود واعية لبناء مجتمع ملتزم بهذه الأسُس. وترتبط هذه الأسُس بقضايا جوهرية، مثل: (تحقيق التنمية، توفير بيئة عمل ملائمة، تحقيق مستوًى معيشي أفضلَ للمواطنين، تحقيق مستوى مرونة أعلى في التعامل مع قضايا الحياة). ويبيِّن الجدولُ الآتي التعريفات التي اعتمدها المؤشرُ لمصطلحَي السلام الإيجابي والسلام السلبي.

أعمدة السلام الإيجابي 
تستند النظرةُ المؤسسية (للسلام الإيجابي) إلى ثماني أسُس، هي خصائصُ الدولة التي تسعى لتحقيق السلام الإيجابي وتتَّصفُ به، وترتبط هذه الخصائصُ بقضايا مختلفة، تشمل أداءَ الحكومة للمهمَّات المَنوطة بها، والتوزيعَ العادل للموارد والخِدْمات، وحرِّية تدفُّق المعلومات، وعَلاقات جيِّدة مع دول الجوار، والاهتمام بالثروة البشرية، وانتشار ثقافة قَبول حقوق الآخرين، ومكافحة الفساد، وتوفير بيئة استثمارية قوية.





ويمكن استعراضُ الأسُس الثماني التي يُبنى عليها السلام الإيجابي، على النحو الآتي: 
  1. حكومة جيِّدة تؤدِّي الوظائف المَنوطة بها بجدارة: تقدِّم خِدْمات عالية الجودة للجمهور، وتعزِّز الثقة بينها وبين الجمهور على نحو يدعمُ الاستقرار السياسي، وسيادة القانون، داخل الدولة.
  2. توزيع عادل للموارد والخِدْمات: على الحكومة وضعُ ضمانات للحصول العادل على الموارد والخِدْمات، مثل: التعليم، والصحَّة، وتوزيع الدخل.
  3. حرِّية تدفُّق المعلومات: من المهمِّ أن تكونَ هناك حريةٌ في تداول المعلومات، ووجود وسائل إعلام مستقلَّة، تستطيع أن تمارس دورها بحرِّية في نشر الأخبار والمعلومات؛ لتعزيز المعرفة لدى الجمهور، ودعم القدرة على اتخاذ القرارات السليمة، والتعامل بحكمة مع المشكلات المختلفة.
  4. عَلاقات جيِّدة مع الدول المجاورة: السلام الإيجابي يشترط قيام عَلاقاتٍ جيِّدة مع الدول المجاورة، وعَلاقات جيِّدة بين الجماعات داخل الدولة الواحدة؛ لضمان تحقيق الاستقرار، وتحقيق أداء جيِّد للحكومة. 
  5. مستويات عالية من رأس المال البشري: أي مدى قُدرة المجتمعات على تثقيف المواطنين، وتعزيز تنمية المعرفة، ووضع طرق جيِّدة للتعليم؛ إذ إن رأس المال البشري المؤهَّل بالمعرفة المناسبة، والمهارات المطلوبة، هو الأكثر قدرةً على الإنتاج والإسهام في تطوير المجتمع. 
  6. انتشار ثقافة قَبول حقوق الآخرين: تتمتَّع الدول الحريصة على السلام بقوانينَ تضمن الحقوق والحرِّيات الأساسية للإنسان، والمساواة بين مختلِف الأعراق والديانات والمستويات الاجتماعية، مثل: المساواة بين الجنسين، وحقوق العمَّال. فالسلام الإيجابي يدعمه انتشارُ ثقافة قَبول حقوق الآخرين. 
  7. مستوى منخفض من الفساد: يؤدِّي الفساد إلى عدم توزيع عادل للثروات والموارد، والحدِّ من الإنفاق على الخِدْمات الأساسية، مما يُفضي إلى الاضطراب وعدم الاستقرار. لذا، فإن وجود مؤسسات قوية داخل الدولة تحارب الفساد يمنح المؤسساتِ المسؤولةَ ثقة أعلى.
  8. بيئة استثمارية قوية: تنطلق القوةُ الاقتصادية من البيئة التي تُتيحها الدولة، ودعم المؤسسات الرسمية للقطاع الخاص، ووجود بيئة تنافسية، وأسُس منظِّمة للعملية التجارية في الدولة، ويُلاحَظ أن النجاح الاقتصادي والقدرة على المنافسة يرتبطان بالدول الأكثر سلامًا.

خُلاصة التقرير
قدَّم مؤشرُ السلام العالمي لعام 2021م GPI صورةً لحالة السلام في 163 دولة، شَمِلَت %99.7 من سكَّان الكرة الأرضية، وهي نسبةٌ مرتفعة جدًّا. واعتمد منهجُ المؤشر على ثلاثة معاييرَ و23 مؤشِّرًا رسمت صورةً متكاملة للسلام في العالم. واستفاد مؤشرُ هذا العام 2021م من الإصدارات السابقة؛ إذ ظهرت مقارناتٌ توضح ارتفاع مؤشِّر السلام أو انخفاضَه في كلِّ دولة، وتطوُّر حالة السلام في العالم، ومدى تراجُع مؤشِّراته أو تحسُّنها. 

وبناءً على النتائج التي وصل إليها المؤشر، قدَّم دراسةً للآثار الاقتصادية الناتجة عن أعمال العنف، والفوائد التي كان من الممكن أن تعودَ على الفرد والمجتمع لو استُثمرت هذه التكاليفُ في مشروعات التنمية. وتتجلَّى أهميةُ المؤشر وما وصل إليه من نتائجَ، في أنه يمكن أن يقدِّم رؤيةً لأصحاب القرار تُسهم في تحقيق السلام الإيجابي، والقضاء على أسباب العنف، ودفع عجلة التنمية، وضمان استدامتها. لكن تبقى عواملُ أخرى يمكن إضافتها إلى المؤشر؛ تُسهم في تحسين بنيته، وتطوير نتائجه؛ لاستيعاب المتغيِّرات والمفاجآت التي يشهدُها العالم، مثلما هو الحالُ مع وباء كورونا.
voice Order

PDF اضغط هنا لتحميل الملف بصيغة

تحميل الملف
voice Order
العدد الرابع والثلاثون
إصدار شهري يقدم قراءة لتقارير دولية حول قضايا الإرهاب
02/02/2022 10:49